استيقظ من النوم مساء بصداع في الرأس فاقدا للذاكرة .. لا يدري كيف وصل إلى البيت و لا أين قضى ليلته .. و بعد كأس من القهوة و ثلاثة سجائر بدأت ذاكرته تعود إليه تدريجيا فتذكر الشجار الذي وقع بينه و بين أحد أبناء حيه و صراخه أمام بيته ... هذا كل ما استطاع تذكره وكانت هذه هي عادته ...يدخل في الصباح فاقدا للذاكرة ثم يخرج ليذهبها مرة أخرى ..
كانت بيته بسيطا جدا 40 متر مربعة يحويها أربعة جدران يقف في حي شعبي لا تنقطع فيه الحركة لمجاورته السوق و كان هو الابن السادس لأسرة مجنونة ..الأم كان تشتغل في محل للخياطة يقع داخل السوق و الأب هاجر إلى الخارج وبقي مصيره مجهولا و الأبناء الثلاثه اشتغلوا في تجارة المخدرات مع أبناء العم و الخال فكانت نصف حياتهم تذهب في السجون و الابن الصغير كان يدرس و يعيل نفسه بنفسه بالاشتغال في سوق السمك و البنت لم تذق طعم الراحة منذ أن تزوجت ذلك البائس السكير الذي كان يشبعها ضربا و يرسلها إلى بيتها يوميا . الابن السادس و الذي لا يزال يعاني من دوار ليلة البارحة عاد للبيت منذ عشرة أيام فقط بعد أن هجر بيت والدته لستة أشهر كاملة لم يكن يأتي فيها حتى للأكل ... و منذ أن عاد و هو فاقد لوعيه .. يتشاجر يوميا ويهاجم الجميع ..
كان يمضي معظم وقته منذ عودته في قاعة ألعاب تفصل السوق عن الحي كان يجتمع فيها أبناء الحي للعب و التسكع و كان يقصدها أبناء المدينة لشراء المخدرات ... فقد كان ينشط في طابقها السفلي بعض عناصر "سالڤاكوسترا" و هي عصابة صغيرة تضم أبناء المدينة القديمة و تتركز اعمالها بالعادة في تهريب الاتجارفي المخدرات والسرقة، والاعتداء وابتزاز أصحاب المحلات هناك .. و قد وجدوا راحتهم في تلك القاعة لأن صاحب القاعة قد سمح بذلك لأنه كان له جزء من الأرباح و كان يملك مصدر لا يخطئ يبلغه بأي نية اقتحام أو مداهمة كما كان يملك باب خلفي في الطابق السفلي يقود مباشرة إلى قيسارية أخرى فلم يكن يجازف بذلك .. لأنهم كانوا لأ يملكون الوقت الكافي للخروج ... إذا ما ظهر وجه مشبوه في الطابق الأول كما كانت الباب التي تفصل الطبقتين مخفية بستار
كان دخوله للقاعة لافتا .. فلم تكن هيئته الضارية الوحيدة اللافتة للانتباه .. بل ثيابه أيضا و صوته الذي بسببه لقب ( بالرعد) فقد كان جشا غليظا إذا تحدث اهتز صدر من يقف بجانبه ...و كان ضخم الجثة عريض الكتفين ... قبعته الرياضية لا تفارق رأسه ...حاجباه كثان و قسمات سميكة في جبهته تضفي عليه هيئة لطيفة عندما يبتسم و لم يعمل شئا لإزالة ذلك الجرح الهلالي المطبوع تحت أذنه ..و كان يعتبره معظم أبناء الحي و كان يعتبر نفس عضوا في السالڤاكوسترا لأن إخوته و أبناء عمومته كانوا يتزعمون بعض تلك التنظميات ألقى بقطعة نقذية فوق الطاولة وقال بصوت هادئ : الفائز سيلعب ضدي !!ثم اقترب من جماعة كنات تجلس حول طاولة بيليارد معطلة ... ومد يده نحو سيجارة محشوة بالحشيش و قام بإشعالها بدون إذن صاحبها و عاد يدخنها وينتظر دوره في اللعب ..
كان ذلك اليوم يوما باردا من أيام فصل الشتاء .. أظلمت السماء فيه قبل ساعات من آذن المغرب .. كان نائب رئيس البلدية يحاول إزالة الوحل العالق تحت حذائه ويصرخ على السائق الذي وضع شاحنته في وضعية ستفقد العمال الكثير من الوقت ... فقد تسببت الإصلاحات التي كان تقوم بها البلدية في قطع شارع رئيس كان يؤدي إلى السوق مباشرة مما أثر على حركة التجارة ....... و تسببت عدم احترافية بعض العمال في انفجار أنبوب آخر .... فامتلأ السوق بالماء و الوحل وحدثت بعدها مشادات كلامية بين العمال وبعض التجار الذين كانوا يفترشون الرصيف وتحولت بعضها لشجارات ..مما استدعى حضور الشرطة ..فكانت فوضى حقيقية ....
في إحدى أزقة السوق .. كان يجلس رجل غليظ بجانب محله يتمتم بكلام غير مفهوم و ينظر إلى المارة الغير مبالين بسلعته و يقول لهم في نفسه ... : لماذا أتيتم إلى السوق إذا كنت غير مهتمين بسلعتي ؟ لماذا تنظرون إليها أصلا ؟ إلى متى ستحتفظون بتلك الدراهم بين جلود حقائبكم ...؟ كان جشعا جدا ... يحب المال كثيرا .. ... إذا دخل أحد الزبائن إلى محله ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة و قفز من مكانه يعرض سلعته كاملة بإشراقة على وجهه فلا شيء أحب إليه من أن يكسب زبونا جديدا ... وهو يقلب بصره بين المارة الغير مبالين بسلعته وقف عليه القهواجي رجل يملك دخانا صغيرا يصنع فيه كؤوس من القهوة و الشاي ثم يتجول بها على أصحاب المحلات و قال له : وجهك لا يوحي بالخير اليوم يا غليظ الوجه !! خير إن شاء الله .. فرد عليه الغليظ حانقا : : ليس اليوم ...!! لا أريد أن أمزح فأنا بالكاد أتنفس .. فقال القهواجي و هو يبتسم : لكنني لا أمزح .. ملامحك فعلا متغيرة .. خذ لقد صنعت هذا الكأس من القهوة بتأني و إتقان .. خذ اشرب وانظر كيف سيبث الحياة مرة أخرى عي جسدك .. رد عليه : خذه عني فأنا لم أبع شيئا بعد ..
و من طلب منك المال ؟؟ .. خذ اشرب سأمر لأخذ ثمنه .. و في المساء .. اصطنع الغليظ ابتسامة على وجهه و أخذ الكأس و قال : هل رأيت ماذا فعل الأغبياء ؟ قاموا بتخريب السوق بأكمله الغبي عوض أن يصلح الأنبوب القديم ... ثقب أنبوبا جديدا اذهب وانظر بنفسك إلى مستوى الماء إلى أين وصل ... لم يقطعوا الشارع فحسب بل أغرقونا بالماء و الوحل أيضا .. و بعدما كانت الإصلاحات و التي يجب أن نسميها إفسادات ستأخذ أسبوعا ستأخذ الآن شهورا و من المتضرر ؟ فقال القهواجي وهو يبتسم نحن بالتأكيد ..ثم التفت إلى المحل المقابل و قال بصوت مرتفع سمعه كل من كان بالجوار ... عار عليكم !! هل تريدون قتل صديقي العزيز؟ فرد التاجر و هو يشق طريقه بين سلعته : ومن يريد فعل ذلك ؟؟ فوقف القهواجي على قدميه و قال : لماذا لم تذهبوا للضغط على العمال حتى ينتهوا من عملهم بسرعة هل تريدون غليظ الوجه أن يصاب بسكتة قلبية ..المسكين لم يبع شيء منذ أن بدأت تلك الأعمال !! .. ألم تلاحظوا كيف اصفر وجهه و ذبلت ملامحه ؟؟ اقتربوا و انظروا.... و الله عيب عليكم .. حتى القهوة لم يستطع دفع ثمنها .. ... فانفجر التجار بالضحك و قام الغليظ من مكانه بسرعة حتى كاد أن يسقط و دفع القهواجي و قال له أمسك كأسك واغرب عن وجهي .. ثم اقترب صاحب المحل المجوار للغليظ وقال للقهواجي ساخرا : يشرب القهوة بالمجان ؟ كل تلك الأموال المكدسة في البنوك و تحت السرير و يشرب القهوة فبالمجان ؟ فعلا هزلنا !! فرد عليه الغليظ : : ليست مجانية أيها التافه.. الغبي سيأتي لأخذ ثمنها في المساء .. وهو من عرضها علي .. و قبل أن يكمل الغليظ جملته نادىت تاجر آخر من بيعيد وهو يختبئ وراء إحدى الطاولات .. أآلغليييظ يحتضر !! ... النجدة النجدة !! فانفجر الجميع بالضحك ..و ضحك معهم الغليظ أيضا و الزبائن و المارة ... و هذا الأمر كان مزاحا عاديا بين التجار .. لم يقلق غليظ الوجه و لم يؤذيه .. فسيأتي الدور عليهم جميعا ثم ينتقم ...... ثم اقترب التجار بعدها .. و اجتمعوا بجانب محل الغليظ و بدأوا يتذمرون على الكساد الذي تعرفه التجارة هذه الأيام متهمين في ذلك البلدية وسوء تدبيرها .. وسرعان ما تغير الموضوع و بدأت النكات تطلق من فم القهواجي وارفعت أصوات القهقهات وعمت أرجاء الزنقة .. فتراجع الحركة في ذلك اليوم أو غيره لن يؤثر على تجارتهم ...
لم يشاركهم في جلستهم تلك و لم يكن من محبي النكت الطريفة .. و لم يكن يعرف عنهم إلا أسمائهم على الرغم من أنهم جيرانه في التجارة بلم يشاركهم رأيه و لم يأخذ يوما برأيهم و كان غالبا ما يتجنب التعامل معهم و كان يبعد كل من حاول أن يمازحه أو يسترسل معه في الكلام .. بابتسامة باردة...ليس لسبب شخصي و إنما كانت هذه هي شخصيته ... التي ورثها عن أبيه و جده .. كان يملك فقط مساحة صغيرة وسط السوق .. يبيع فيها أشياء نسائية خإصة بالمطبخ و البيت و كان تدر عليه هذه التجارة بمبلغ .. لم يكن ضخما و لكن كان كافيا .. و في تلك الصبيحة كان أيضا متضرر من الإفسدات كما سماها غليظ الوجه لكنه مع ذلك كان مبتسما طوال الوقت و لم يكن عابسا كباقي التجار ...وعندما كان يجتمع الباعة لتبادل النكت و إبعاد العين عن محلاتهم بالادعاء أنهم يفقدون الزبائن و محلاتهم تعاني ...كان هو ينادي قطة صغيرة اعتادت أن تأتي إليه يبدأ في مداعبتها و ملاعبتها و يذكرها باليوم الذي عثر فيه عليها مبللة تئن من الجوع ..
في الصباح عندما كان يصل إلى السوق الجميع كان يبادر بتحيته و كلها أمل في التعرف عليه أو الاسترسال في الحديث كانت شخصيته غريبة كأنها من كوكب آخر ...كان طويل القامة قوي الجسم .. أنيق الثياب و حسن المظهر هادئ الملامح .. إذا تكلم التفت له الجميع لسماع ما سيقول و مع من سيتحدث ..و إذا سكت حامت من حله غمامة من الغموض
الأجواء في ذلك اليوم كانت تنذر بقدوم عاصفة مطرية .....أخرج من جيبه ساعة يدوية و نظر إلى الوقت ثم مد يده تحت طاولته وأخرج بضع دريهمات كان يضعها في فنجان قهوة و قام يجمع سلعته في هدوء تام ناداه عجوز صديق لوالده كان يجلس بجانب دكان صغير و سأله عن سبب قيامه فالوقت لا يزال مبكر على الذهاب ؟ فرد عليه : سأعود إلى البيت .. لا أريد أن أجلس تحت هذا الصقيع بدون سبب .. فقال له : ...غطي صناديقك جيدا فالجو ينذر بقدوم عاصفة مطرية .. ابتسم معه عبد الرحيم و قال له : سأفعل ذلك ...
كان بيته مكون من طابق واحد بنيانه قديم من الحجارة و التراب..تملأ حيطانه التشققات والتصدعات و على سطحه وضعت صفائح من حديد و بعض الألواح ..الحي بأكمله كان بنفس البنيان .. جرافة الحكومة تهدده في كل ثانية فأغلب المنازل فيه مسجلة كبناء عشوائي لا تملك أية وثيقة و من حق الدولة أن تقوم بإزالتها في أية لحظة ... كانت أمه تقف تنظر إليه من النافذة و قد اتسعت بؤبؤة عينيها .... ظنت أن مكروها ما حدث له فالوقت لا زال مبكرا على العودة ... طأنها بابتسامته الهادئة وأسرعت تفتح له الباب .. قبل يديها ثم قال : إنه الجو يا أماه أفضل.. أن أقضي معك هذه الساعات على أن أجلس بدون سبب في هذا ...فابتسمت و أسرعت إلى المطبخ تعد له شيئا يسترجع به دفئه ..
أثاث بيته كان بسيطا جدا ... في وسط غرفة جلوس وضعت طاولة صغيرة فوقها علب دواء و شاهدات طبية و بجانبها أثاث فراشه هشيش قد زال لونه .. و على الحائط علقت صورة لجدته و جده بينهما آية قرآنية ...و تحتهما جهاز تلفاز صغير ... غرفته كذلك لم تكن مثيرة للاهتمام على يمين سريره خزانة صغيرة تصدر صوتا كلما مر بجانبها و على يساره طاولة فوقها بعض الكتب و نافذة تطل على الحي ....و هو الوحيد الذي كان يملك غرفة خاصة والده و أوته الصغيرة كانت تنام مع والدتها في غرفة الجلوس ....التي يفصلها عن المطبخ مرحاض قديم مساحته نصف متر ..
ارتمى فوق السريره ثم مد ذرعيه و قدميه فأحس بالحياة تعود مرة أخرى إلى جسمه ..و عندما أوشك أن تستلم عيناه للنعاس ضوى صوت الرعد في السماء و اهتز لصوته جدران البيوت ... فقام من مكانه و ذهب إلى المطبخ و هو يبتسم لحظه السعيد .... فغليظ الوجه ينزلق الآن في الوحل بحذائه المشمع و هو يحاول إدخال سلعته تحت هذا المطر ...
قالت والدته وهي وهي تضع كأس شاي و بعض الكعك أمامه : أسأل الله أن يجعل هذا المطر على قدر الخير فإن بات الجو هكذا يعلم الله وحده ماذا سيحدث للبيت .. و لم تكد تنهي جملتها حتى سقطت قطرة ماء من السقف داخل قدح الشاي فنظر إليها عبد الرحيم ثم نظر إلى أمه وابتسم و قال لها : هل تحسنت حال والدي ؟ فأومأت برأسها و علامات الحزن بادية على وجهها .. فقد كانت تخشى أن تفقد شريك حياتها والمعيل الأول للأسرة...
أكمل عبد الرحيم شرب الشاي ثم قام ووضع مبلغ من المال فوق الثلاجة و دخل هلى غرفة والده فوجده متكئا على جنبه و التعب قد أخذ منه مأخذه ... نظر إليه بعينيه اللتان أتعبهما المرض و عندما حاول أن يبتسم معه بدأ بالسعال ...فأسرع عبد الرحيم إليه ثم قبل يده ثم ساعده في القيام ... وفي غرفة الجلوس تناول الدواء وجلسوا يشاهدان التلفاز .. و انضمت إليهم والدته و أخته الصغيرة بعد أن أنهوا عملهم في المطبخ ..
في تلك الليلة كان سمير ... يشاهد مباراة كرة قدم في إحدي المقاهي داخل السوق ...وكان الجو مشتعلا... فالفريقان الذان يلعبان مشهوران جدا كانا يشعلان الملعب و كانت صرخات المتفرجين التي كانت تسمع من الشارع الآخر تزيد من حماس المباراة ...و كان سمير واقفا أمام التلفاز يصرخ على الحكم ويقذفه بأفظع الشتائم لعدم احتسابه ضربة جزاء .. عندما دخل رجلان بزي مدني إلى المقهى من سيارة أمام القهوة و اقتربا من النادل ... عاد بهدوء إلى مكانه .. ثم همس لصديقه : سألقي الحشيش في الأرض ثم قم أنت بإبعاده بقدمك .. التفت إليه صديقه و عيناه أوشكتا على الانغلاق . لم يفهم كلمة مما قال .. فأشار برأسه نحو الباب وقال : المقهى يتعرض للمداهمة ، إذا كنت تريد أن تمضي هذه الليلة في بيتك .. قم بدفع ما ألقيت بين قدميك .. انتفض صديقه من مكانه في لحظة و فتح عينيه على مصرعيهما و غير طريقة جلوسه ثم ألقي ماكان في جعبته من ممنوعات و قذفهم بعيدا عنه ... و في تلك اللحظة كانت الشرطة قد أغلقت الباب الرئيسي للمقهى و فتحت بابا صغير جانبي و بدأت بتفتيش الجالسين واحدا.. واحد... ... فعم سكون تام المقهى ولم يتملم أحد من مكانه و بعد نهاية المداهمة كان الرعد و صديقه داخل سيارة الشرطة يقتادان إلى المركز مع سبعة أشخاص آخرين ...فقد كانت الشرطة تبحث عن شابيين في عقدهما الثاني قاما باغتصاب فتاة و سرقتها تحت تهديد السلاح في مكان قريب من ذلك الشارع وكانت الطريقة التي تتبعها الشرطة في التحقيق هي بإحضار جميع ذوي السوابق العدلية و المشبوهين الذين سبق أن شوهدوا في تلك المنطقة و كان الرعد و صديقه من بينهم
دخلت فتاة تبكي إلى مكتب الضابط وهي تحاول و هي تحاول إخفاء وجهها بثوب و يدها ترتعش .. ثم نظرت إلى الرعد لثواني قليلة قالت : ليس هو !! أشار الضابط بيده للشرطي الواقف بجانب الباب و خيبة الأمل بادية على وجهه وقال : أدخل التالي .. وعندما حاول الشرطي مساعدة 'الشاب" المكبل من يديه على الوقوف ثم قال : وهو يقلب بصره بين الفتاة و الضابط بعينيه الباردتين : أحضرتموني لاستجوابي بسيارتكم وتبين أنني بريئ ..و الآن من سيعيدني إلى بيتي أريد أن أكمل مشاهدة مباراتي !! نظر إليه الضابط قليلا ثم قال : و من تظن نفسك يا حثالة المجتمع ؟ فرد سمير و هو يقف من مكانه : : "الرعد" ... و في تلك اللحظة التي نطق فيها بلقبه .. انفجرت رعدية قوية في السماء ضوي صوتها في أرجاء المنطقة وانقطعت على إثرها الإنارة في المبنى لثواني قليلة و أضاء البرق الشارع بأكمله و عندما عادت الإنارة .. أكمل قائلا : اسمي 'الرعد" .. وأنت أيها الضابط ماذا تسمي نفسك ؟؟ سكت الجميع لبرهة بمن فيهم الفتاة مستغربين من هذا التزامن المخيف بين اللقب و صوت الرعد قام الضابط من مكانه ... و اقترب من الرعد ثم طلب من الشرطي الذي كان يكبل يده أن يتبثه في مكانه وليكن رأسه منتصبا .. عندها أرجع يده كما يفعل لاعب البسيبول عندما يريد قذف الكرة و أحكم قبضته جيدا ... ثم نزل بها على وجه الرعد فاختلطت طبقة الجلد السوداء التي كانت تملأ شفتيه مع أسنانه و بدأ الدم يسلي منهما ... ثم رفع بصره نحو الشرطي و قال بصوت حإزم : قم باعتقاله و غدا سوف يقدم للمحكمة بتهمة التعدي إهانة موظف في مؤسسة حكومية نظر سمير إليه و الدم يملأ فمه ثم قال : ألا يكفيك أنك اتهمتي و أحضرتني ثم أسلت دمي والآن تريد أن ترسلني إلى الأسفل و بتهمة ؟ فقال الضابط للشرطي المساعد و هو يتجاهل كلامه : أدخل التالي ...
كان عبد الرحيم في تلك اللحظة يتأمل والده النائم بجانبه في صمت .... وفي داخله حزن عميق .. لقد كان والده في شبابه قويا جدا .....يشتغل في عمليين مختلفين في نفس الوقت .. يقوم بشحن وتفريغ الشاحنات في الصباح و في المساء يعمل في دكان لإصلاح الأحذية . وكان هو المعيل الأول للأسرة .. جاهد طوال حياته و تألم في صمت .. كان يرغب في إخراج أسرته من الوضع الذي كانوا فيه و قد عمل على ذلك كثيرا .. ولطالما وعد زوجته بمنزل آخر .. و حي أفضل .. و الآن هو طريح الفراش .....لا يستطيع أن يقوم من مكانه .. لم يعد قويا كما كان في السابق ..لم يفي بوعده .. خانته صحته .. كان عبد الرحيم ينظر إليه ويرى نفسه فيه .... كل ما يفعله طوال الوقت هو نفس الشيء الذي فعله طوال الخمس سنوات .. يذهب صباحا لإحضار المال ثم يقوم بإنفاقه ليلا .. و عمله أيضا غير مضمون .. قد يفقده في أية لحظة .. و صحته أيضا غير مضمونة قد يمرض في أية دقيقة .. ماذا سيحدث للأسرة لو حدث ذلك ؟ كان يملأ قلبه إحساس رهيب مزيج من الخوف و الحزن والقلق ... لقد تضاعفت همومه الآن ..
في صباح اليوم التالي أيقظته والدته كالعاهذ وبعد أن أعدت له فطوره .. أعطت ورقة الدواء التي يحتاجها والده ..نظر إلى الثمن الباهظ المكتوب في الورقة ثم ابتسم ابتسامة كلها تفائل ...فعلى الرغم من الفقر الذي كان يعيشه لم يكن ذلك ظاهر على ملامحه فقد كان قانعا لا يرغب في الكثير ..و لا يحلم بالمستحيل و إن كان من الممكن تحقيقه .. كل ما كان يهمه هو إخراج أسرته من ذلك المجحر الذي تهدده جرافات الدولة في كل لحظة ...
دخل السوق كعادته وبدأ يرتب سلعته في مكانها في هدوء .. كانت صبيحة عادية تشبه باقي الأيام التي عاشها في هذا المكان طوال الخمس سنوات الماضية في وقت الظهيرة بدأت الحركة تخف قليلا وبدأ التجار يغلقون محلاتهم للذهاب إلى الصلاة و الغذاء و بعضهم استسلم للنوم بعد أن ملأ بطنه ... إلا عبد الرحيم كان يمسك ورقة الدواء و يفكر من أين سيحضر المال لشراء الدواء ؟؟
ثمنه باهظ جدا و ما بين يدي لا يكفي لشراءه إلا إذا بعت السلعة دفعة واحدة ... لكن إذا فعلت ذلك لن أجد شيئا لأرتبه غدا فوق هذه الصناديق ؟ ماذا أفعل ؟ .... كرامته لن تسمح له باقتراض المال على كائن من كان في هذا السوق ..و إن قام بذلك سينسف هيبته التي بناها طوال هذه الخمس سنوات في ثواني فالعذر أقبح من الفعل ... لأن السبب هو المال .. وهذا يعني أن ما دفعني للكلام معهم هو المال لا لا .. هذا سيضعه بلا شك في موقف لا يحسد عليه .. ومن يضمن له أصلا أن من سيقصده سيصدق أن والده يتلوى الآن في فراشه ..!؟
كان يشعر بضيق .. كان يشعر بالعجز ... كان يشعر بأنه مقيد .. مدخوله محدود و إن كان كافي ... لن يوصله إلا أي مكان .. نظر إلى القهواجي الذي كان يدخل وجبة غذاء شهيا رائحتها تعبق في الأرجاء لأحد المحلات فزادت من محنته .. فالآن هو وقت الغذاء ..
و عندما بدأ في ترتيب سلعته في بقعة فارغة اختارها .. بدأ الآخرون بجمع سلعتهم وبعضهم تركها في يد الشرطة و أطلق قدميه للريح ... من سوء حظ عبد الرحيم أن ذلك اليوم كانت الشرطة متحمسة في عملها على عكس باقي الأيام الذي كانت تغض فيه البصر عنهم .. فإلى جانب الإصلاحات التي كانت تقوم بها البلدية و التي لوحدها تسببت في فوضي كبيرة ... كانت هنالك زيارة مرتقبة لأحد الشخصيات البارزة فكان على الشرطة أن تبرسم سروة جذابة للسوق عندما يمر من هنالك و إلى تعرض الضباط إلى مشاكل ..
جمع عبد الرحيم سلعته بسرعة و أحكم قبضته على صناديقه ... ثم بحث يمينا وشمالا بين الباعة الجافلين عن مكان آمن يختبئ فيه ... و عندما وجده و أراد أن يهرب إليه اصطدم بجسم ضخم و لما أراد أن يتجاوزه أمسكه من ثيابه ثم أخذ صناديق و دفعه نحو الحائط قائلا بصوت خشن : تسمر في مكانك ! لقد كان شرطيا بزي مدني متخفي وست الجموع .. وهذه هي الاستراتيجية التي كانت تتبعها الشرطة لفض تلك الفوضى بسرعة خيالية فتقوم بنشر عناصرها بأزياء مدنية بين المارة مستغلة في ذلك الاكتظاظ التي يعرفه السوق في مثل تلك الأوقات ثم تباغت بعدها سيارة شرطة الباعة من جانب الرصيف .... يبدأ الباعة في الجفل و الهروب والصطدام ببعµضهم البعض عندها يتساقطون الواحد تلوى الآخر بين أيد الشرطة المنتشرة بين الناس و كانت إذا اعتقلت البالغين حجزت سلعتهم و تكتفي بضرب الأطفال على قفاهم
وقف عبد الرحيم في مكانه ثم عدل ثيابه في هدوء .. و استغل شرود الشرطي الذي يمسكه وبدأ في عد سلعته بأقدامه ... التفت له الشرطي و قال ساخرا : أرجوك لا تخبرني أنك تحلم في استعادتها ؟ رد عليه عبد الرحيم و هو يرسم على وجهه ابتسامة خبيثه : سأسترجعها ما رأيك ؟ استفزت هذه الكلام الشرطي فقام بدفعه بشكل مهين أمام الناس ثم قاموا بحجز سلعته و اعتقلوه إلى جانب خمسة عشرة شابا آخر ...
في مركز الشرطة كان عبد الرحيم يجلس بين الباعة في صف واحد ينظرون إلى الرجل المنهمك في عمله وراء مكتبه عندما دخل الضابط وسأله عن قضيتهم ؟؟ فرد عليه الشرطي :هؤلاء هم أصحاب الفوضى التي كانت في السوق .. و ماذا يفعلون هنا ؟ هل أخذت سلعتهم ؟ نعم هي في الحجز أطلق سراحهم ففقدانهم لسلعتهم عقاب كافي .. ثم اقترب منهم وهو يشير إليهم بقلم كان في يده : اسمعي أيتها الحشرات الضارة ..ستنفقون أمولاكم و سننقوم بأخذهاهكذا في لمحة البصر إلى أن يتعب أحدنا و أبشركم .. لن نتعب سنواصل إحضاركم إلا هنا و سنواصل أخذ سلعتكم إلا أن تتوقفوا عن إحداث تلك الفوضى و تنظموا أموركم خلف جدار السوق .. الرصيف للمارة و ليس محلا للتجارة ... هيا اغربوا عن وجهي .. لا أحب أن أراكم هنا مرة ثانية .....تنفس الباعة الصعداء وخرجوا بخطى سريعة نحو الباب إلا عبد الرحيم وقف في مكانه ينظر إلى الضابط و إلى الباعة الذين استسلموا بهدة السهولة .. وقال : أرغب في استراجع سلعتي لو سمحت .. في تلك الأثناء كان الضابط قد وصل إلى الدرج و عندما سمع هذه الجملة توقف واستدار في مكانه ... ثم قال و هو ينظر إلى مصدر الصوت : عوض أن تسرع في الخروج وتحمد الله في طريق خروجك .. تقف هنا وتعطيني سببا لاعتقالك ؟
رد عليه عبد الرحيم :أشكرك كثيرا على إطلاقك لسراحي يا سعادة الضابط .. وهذا لطف كبير منك ،أعلم أنني كنت مشاغبا أنا أصدقائي عندما خرجنا من السوق و افترشنا الطريق و تسببنا في تلك الفوضى ... لكن لنا ظروف و أرجو من سيادتكم أن تتفهمها ، عملك أنت تابث و نفقاتك رسمية تأخذها كل شهر .. الأمر ليس كذلك بالنسبة لي ... سلعتي التي أخذتها هي كل ما أملك و هي رأس مال أسرتي و أطمع أن أشتري بثمنها دواء لوالدي ؟ و أنت ستتركها في ذلك المكان لأيام و ربما لشهور وستفسد و في المقابل أنا سأعود إلى البيت بدون سلعة ولا مال و لا دواء فهل ترى حجزها عملا صائبا يا سعادة الضابط سكت الضابط قليلا .. قبل أن ينطق ... فيبدو أن خطاب هذا الشاب قد أثر فيه للحظة ....ثم واصل عبد الرحيم قائلا : أنا املك مكانا قانونيا لي داخل السوق و لا أفترش الرصيف ..و لدي شهود على ذلك .. اليوم فقط تزاحمت مع الإخوة هناك وفعلت ذلك لأسباب .. لم أنوي التعدي على قوانينكم ...أردت فقط أن أحصل على ما يكفي لشراء الدواء لوالدي ... فهلا رحمتنا يا سعادة الضابط ؟ و أعدك أنك لن تجدني مرة أخرى لا هنا ولا هناك !!
وقف الضابط ينظر إليه لثواني عديدة ثم اقترب منه و بدأ في معاتبته وقال له أنه هو السبب في ما حدث له ..و الشرطة لا تتحرك إلا إذا تم الاعتداء على حرية لآاخرين و أنتم فعلتم ذلك عندما استوليتم على الرصيف المخصص للمارة.. وبعد حديث قصير نطق الضابط بكلمات فاجأت الحاضرين قليلا ... فقد سمح له بأخذ سلعته من الحجز وهذا الأمر كان استثناء .. لم يحدث من قبل إطلاقا .. و السبب الذي جعله يرضخ لخطابه هو أن الشاب كان يتحدث من قلبه و ذلك كان ظاهرا في عينيه وطيات لسانه ...
و في الحديقة المجاورة للمركز عد سلعته و المال الذي كان في جيبه .. ووجد أنه لا يكفي لشراء الدواء المطلوب فتحسر على نفسه ..... وهو كذلك ناداه صوت من بعيد .. إنه الرعد لقد أطلقوا سراحه لم يقدموه إلى المحكمة ... سأله ماذا يفعل هنا في هذا المكان ؟ فأخبره أن الشرطة قفد حجزت سلعته في وقت سابق و قد استرجعها الآن .. ثم سأله عن نتيجة المبارات فأخبره أنه لا يعلم .. عندها صرخ الرعد : تبا لي وتبا للشرطة وتبا للساني الذي لولاه لعدت و تابعت مباراتي !! ما أخبار تجارتك ؟ رد عليه عبد الرحيم : تبقيني حيا .. ابتسم الرعد من جوابه قليلا ثم قال : أنا أيضا كنت أملك مكانا خاصا بي هل كنت تعلم ذلك ؟ في السوق كنت أملك بقعة خاصة بي ... بالقرب من ذلك المحل الضخم الذي يبيعون فيه أثاث بالمنزل .. ... لكن بعد مدة وجدت نفسي أحوم في دائرة فارغة .. شعرت بالوقت يمضي من حولي و أنا أجلس في نفس المكان فقررت ذات يوم أن أترك ذلك المكان و أبحث عن مكان آخر يزيد من احتمال أن أعيش حلمي .. رفع عبد الرحيم رأسه وهو يسمع لهذه الكلمات ...لقد كان يعيش نفس الشعور .. هو أيضا كان يرى أن تلك التجارة التي يعكف عليها لن توصله إلى أي مكان .. بالطبع ستبقيه حيا لكنها ستدفنه تحت التراب و ستنسف آخي قطرة من جهده و بدون مقابل و الان هو يحتاج إلى المال أكثر من قبل ..
هل ستعود إلى السوق أم أنك ستجلس هنا لتبيع الملاعق للشرطة ؟ ابتسم عبد الرحيم وقال : سأعود إلى السوق فلا زال الوقت مبكرا .
و هم يتبادلون أطراف الحديث في طريق العودة لفت انتباه عبد الرحيم شابين يلصقان أحد الصبية مع الحائط و في يد أحدهما سلاح أبيض ..و بدون مقدمات و لا سابق إنذار قفز عبد الرحيم نحوهم تاركا صديقه يتحدث مع الهواء ... و عندما أمسكه من قميصه التف في مكانه فقذفه عن المراهق لأمتار...ثم أمسك الثاني الذي كان مذهولا مما حدث لصديقه و كانت ضربة واحدة على وجهه كافية لإفقاده الوعي و عندما حاولا القيام مرة أخرى لمهاجمة عبد الرحيم .... اقترب منهم الرعد بهدوء و هو ينظر إليهم نظرته الثلجية و كانت هيئته تخبرهم أن هذا الإنسان لن يتردد في القيام في إيذائهم لحظة واحدة فأطلقا قدميهما للريح ..
تجمد المراهق في مكانه مذعورا .. يرتجف و عيناه توشكان أن تقعا من مكانيهما وهو يقلبهما بين الرعد و صديقه و عندما اقترب منه عبد الرحيم و حاول أن يكلمه .. انطلق يجري مسرعا و لم يتلفظ بكلمة .. نظر الرعد إلى عبد الرحيم وهو يحإول ترتيب ثيابه و استعادة أنفاسه و قال : في ماذا كنت تفكر ؟ هل تظن أنك في أمريكا .. يجتمع الناس من حولك و يصفقون لك و غدا تنشر صورتك معنونة بشعارات الشهامة و الفحولة ؟ .. عملك الذي قمت به أقرب للغباء منه للشهامة فالشرطة و التي يبعد مركزها عنا بشارع واحد فقط لا تأخذ هذه المواقف بعين الاعتبار .. ما فعلته كان سيعرضك للاعتقال فربما أنت وهؤلاء اللصوص أصدقاء من يعلم ؟ هكذا تفكر الشرطة في بلادنا .. و مع سجلي المشرف عندهم أظنهم سيأخذون وقتا طويلا قبل أن يدرسوا هذا الاحتمال !! هل رأيت كيف كان ينظر إليك ؟على الرغم من عرضك الهوليوودي لم يشكرك لأنه لم يثق فيك ... تركه عبد الرحيم ينهي كلامه ثم بعدها قال :: لكن هذه ليست طريقة تفكيري ضع نفسك في مكانه .. و مر بجانبك من يستطيع مساعدتك ولم يساعدك ... ماذا سيكون شعورك في تلك اللحظة ؟ أليس السكوت عن الظلم ظلما بحد ذاته ؟ هل نحن نعيش في غابة أم ماذا ؟ القوي ينجو و الضعيف يحكم عليه بالإعدام ؟ علمني جدي أن لخير الذي نقدمه اليوم سنجده غدا .... طزال الأمد أو قصر سنلتمس تأثيره في حياتنا .. وما تقدمه سيعود إليك .. إن كان نشرا فشر و إذا كان خيرا فخير ...كلامك يحمل القليل من الصواب لكنه خاطئ في مجمله .. و أنا أفضل أن أعتقل على أن أترك شخصا في مثل ذلك الموقف بدون أن أساعده .. سكت الرعد قليلا ثم أكملا نقاشهما في طريقهما إلى السوق ..
عندما ظهرت عصابة " السالڤاكوسترا " في الحي الذي ترعرع فيه الرعد و بدأت تنضم أمورها انضم إليها أغلب الشباب بمن فيهم إخوة الرعد و أبناء عمومته فقد كانت تحكم قبضتها على كل أنواع الأعمال في ذلك الحي وبسطت يدها على بعض المحلات في السوق ..و أصبحت حلما يسكن في نفوس الناشئين و كابوسا يراود باقي أبناء المدينة الذين كانوا يتجنبون مناطقها ... .. فقد كان اسمها كافي ليجعل الأرجل تطرب السانفونيات ...... و قد قامت هذه العصابة في بادئ الأمر بأعمال الحماية والابتزاز في الأسواق ... فكانت ترسل أبنائها في الليل لتهديد و تكسير المحلات ثم تقوم في الصباح بمد يد الحماية لهم .. مقابل مبلغ مالي ... ثم بعدها تطورت فشملت أعمالها تجارة المخدرات و السرقة و تكون الهيكل التنظيمي سريعا في صورة تنظيم هرمي ... يترأسه شخص واحد يتحكم في باقي الأفراد ...في منطقتها اعتاد الشباب أن يعترضوا طريق المارة و أن يتاجروا في كل ممنوع و غير مسموح علنا بدون خوف من الشرطة التي لم يكن باستطاعتها إرسال دوريات إلى هناك لطبيعة الموقع الذي يقع فيه ذلك الحي الذي يراه الناس كغابة موحشة ... رائحة الموت يفوح من أزقتها ... كل الأخبار والقصص الدموية التي تنشر في الصحف أبطالها يسكنون هناك .كما أن تجار سجائر كانوا ينتشرون في أبواب الحي ... يعملون في نفس الوقت مخبرين مقابل أجر مالي .. و مهتمهم تكمن في إشعار الجهات النشطة في كلما لمحوا وجها شبوها أو اشتموا رائحة شرطي متخفي .. و كان بيت الرعد يقع وسط هذا الحي و فيه ترعرع إلى جانب أسرته المجنونة ..و كان من بين الشباب الذي يمضون أوقاتهم في معاكسة المارة و ابتزاز الغرباء
و في أحد الأيام كان المار من هناك هو عبد الرحيم .. فقد أمضي لتوه سنتين في السوق .. فبعد أن اشتكى والده لصديق له حالته الصعبة و وضعيته المزرية عرض عليه أن يعطيه مكانا في السوق يسثمر فيه أمواله ولأن الأب كان يملك مسبقا عمليين .. مررها لولده ... ارتسمت على وجه " الرعد" ابتسامة تشبه ابتسامة الذئب عندما يلمح خروفا شاردا عن القطيع ثم قال بصوت مخيف و هادئ : إذا كان يرغب في شراء المخدرات فلا يقوم أحدهكم بإزعاجه و إذا كان جاهل يمارس هوايته في الغباء بالمرور من هنا فدعوه لي .. فصمت الجميع و جلس يترقب ماذا سيحدث للخروف الشارد المسكين الذي يمشي نحو حفرته ... ..
.. عبد الرحيم كان يعلم مسبقا بخطورة ذلك الحي و كان بإمكانه أن يتجنبه لكن عقليته لا تسمح له بذلك ... فالطريق الآخر الآمن كان طويلا جدا عن هذا الطريق فلماذا يترك الطريق المختصر و يتعب قدميه في الطريق الاخر ؟؟ هكذا كان يفكر لا يبالي بمن يسكن في ذلك الحي أو من يديره ... فلقد عاصر هو الآخر في حيه أقواما يفر إبليس من أفكارهم و أفعالهم وكان يعلم في ذاخله علم اليقين أن لكل إنسان مهما بلغت درجة خطورته له منطقة يسكنها الخوف .. و من الناس من استولت عليه فأسبحت جزء لا يتجزأ من حياته و منهم من سيطروا عليها إما بالمخدرات أو بشيء آخر .. لكن سيطرتهم عليها لا يعني أنها غير موجودة !! به هي موجودة وأنا أعلم ذلك و سأقوم بإخراجها و سترى كيف سترتعد و ستتردد....
.
خرج الرعد إلى وسط الطريق و أشار لعبد الرحتم أن يتوقف ثم اقترب بمشيته المخيفة و نظرته الباردة التي ليس فيه أي شعور إطلاقا .. كانت تعكس قسوة قلبه الذي اسود بالمحيط الذي ترعرع فيه وكان هئتيه تخبر أن هذا الءءنسان لن يتردد في فعل أي شيء مهما بلغت درجة الشر فيه لكن هذا لم يململ عبد الرحيم من مكانه بل وقفه هو الآخر وقفة مهيبة و بادل الرعد الذي يقترب منه بنفس النظرات .. و تفحص أيضا أصدقائه بسرعة و أخبرهم بذلك أنه قد رآهم .. رفع الرعد بصره ثم همس له : شراب أم حشيش ؟ رد عليه عبد الرحيم و هو يبتسم : لا ... أرغب في بعض الحإجيات الأخرى لزا أظنك تملكها ... اندهش الرعد من جوابه ثم قال : كل شيء موجود هنا .. حتي الشيكولاطة البيضاء بإمكاننا إحضارها لك المهم أن تكون جادا في طلبك فقد مضت ثلاثه دقائق المسموح بها للضيافة ثم بعدها سأغير قليلا من لهجتي ... تهديده الغير مباشر لم يجد عند عبد الرحيم صدى ... أريد تحياتي نسائية و بعض الملاعق فانفجر أصدقاء الرعد بالضحك و تمايل بعضهم على بعض و سقط كبيرهم الكذ"ي كان يجلس فوق كلرسي طويل فنظر إليهم الرعد ببطء و قد احمر وجهه و بدأ رأسه بالغليان ... ثم نظر مرة أخري لعبد الرحيم و قد احمر عيناه و بزغت العروق في جبينه و عظ على أساسنه وقال : اليوم ليس يوم حظك ... و أمسكه من قميصه ثم رفعه إليه ووقف الجميع ينظرون اذا سيحدث و كانوا شبه متيقينين أن نصف وجه عبد الرحيم سيقطب عندها قال عبد الرحيم بصوت هادئ .. أرجو أن لا تتسرع أنت و أصدقائك فأنا أجبتك بعفوية و لم أكن أعمد إلى إحراجك أو التقليل من احترامك ... أنا فعلا ذاهب لأشتري علبة من الملاعق أحتاجها و عندما أعاد ذكر الملاعق ارفتعت مرة أخرى الضحكات فزادت من غرابة الموقف .. واصل عبد الرحيم كلامه و الخوف غير ظاهر على وجهه مما جعل الرعد يتردد قليلا ... قبل خطوته ...
سألتني هل تريد المخدرات فأجبتك لا أريد شيء آخر و عندما سألتني عن ما هو ذلك الشيء أخبرتك أعلم أن الأمر كان مضحكا قليلا ( و بارتسمت ابتسامة على وجه عبد الرحيم في تلك الأثنا ) ولكنني م أتعمد أن أجعله مضحك آسف إذا قللت من احترامك .. رد عليه الرعد منفعلا : و هل تظنني أيها الأحمق سأغفر لك زلتك فقت لأنك اعتذرت ؟ لا أريد لك أن تغفر لي فأنا لم أخطأ بل أنت من أساء الفهم ... عندما أنهى عبد الرحيم هذه الجملة ... تململت أعين الرعد قليلا ..و خفت قبضته من القميص .. لقد كان يفكر .. لقد نجح عبد الرحيم في الوصول إلى منطقة الخوف الخإسة به .. تهاطلت الءسئلة على الرعد في تلك اللحظة من كل مكان .. لماذا نطق بهذه الكلمات وهو في لحظة ضعهف نحن عشرة و هو لوحده نحن أقوايء و أسڨرار و أسمايإنا مدرجة في القائمة السوداء لهذا السوق وهذه المدينة ومع ذلك لم يتأثر بل واجههني و جعل مني أدحوكخه و أما بيتي .. لكن السؤال المهم هو : لماذا لم يخف ؟ ماذا يملك و لا أعلم هل هو مسدس ؟ ربما فهو الشيء الوحيد الذي يجعل الإنسان عل*ى استعداد في مواجهة عشرة أشخإس يقوم بدفعي ثم يقوم بإشهاره و يبدأ في إطلاق النار علينا حتى أقوانا سيطلق قدميه للريح لا ... نحن لسنا في أمريكا ولا في كولومبيا ولا في البرازيل حتى يحدث هذا الأمر ربما هو الآخر يقطن في حي أسوأ من حي و رباما له عائمة مجنونة أيضا .. لا بد أن هنالك أمر ما يملكه هذا اللعين و إلا لما تحداني وهو في منطقتي .. كان عبد الرحيم في تلك الأثناء يبتسم بخبث و قد ظهر أثر ذلك قليلا على وسجهه لقد نجح في دفعه إلى التسائل ا وهذا الأمر سيؤثر عملى منطقه 'الخوف عنده و سيتسرب الخوف ويبنتشر في أعماقه ... أرجو أن لا تقدم على عمل تندم عليه في المستقبل .. فأنا لم أقلل من احترامك ولم آتي هنا لأهرج لأصدقائك أنا جاركم في الحي وأملك بقعة خإسة بي في الزنقة الرابعة و هي قريبة جدا منها و قد سبق أن التقينا في السوق مرارا ... فنحن جران و الجيران يتعاونون ولا يتبارزون ... لا تدع سخونة الرأس تقودك إلى المجهول ... المجهول ؟ يتسائل الرعد في داخله ؟ ماذا يعني هذا الوغد سليط اللسان بكلامه ؟ هل يريد أن أشق بطنه أم أرسله إلى مركز الشرطة بدون ثياب ؟ ...أنا لم أدخل إلى هذا الحي لأعبث فأنا أعتبر نفسي ابن هذا الحي و هذه العائلة و لو لم أكن كذلك لما جازفت بالدخول إلى هنا في هذا الوقت أليس كذلك ؟ ( ثم التفت إلى الجماعة التي تجلس بعيدا وقال ) فكلنا نعلم ماذا يحدث هنا ومن هم أبطال تلك القصص ... وقف الرعد في مكانه وقد تبددت الغيامة السوداء من على وجهه و قام بإشعال سيجارة وفي هدوء و بقي ينظر إلى عبد الرحيم لمدة طويلة قبل أن يسمح له بالمرور و لكي لا يظن أصدقائه أنه قد ضعف أو استكان للموقف أمر عبد الرحيم أن يأتي له بعلبة سجائر في طريق عودته كاعتذار بسيط لما حدث فقبل ذلك عبد الرحيم باءشراقة على وجهه ... و الحقيقة أن الرعد أراد من طكبه هذا أن يتعمق أكثر في طبيعة هذا الإنسان ..و يرى حقا هل فو جعبته شيء أم أنه فقط سليط اللسان ... و أخذ منه عهد أن يعود إليعه بعلبة سجائر فإن هو عاد و ورط نفسه مرة أخرى في هذه الأدغال و خصوصا أن الشمس قد شارفت على لغروب يعني أنه سيعود في الظLام أو سيفر و سيحمد الله في طريقه عشر مرات على نجاته ...
لم تمض سوى 20 دقيقة على ذهاب عبد الرحيم وهاهو يظهر مرة أخرى و يقتبر من الرعد وأصدقائه بمشيته المعتاغ و بظرته لتي تملأها الثقة من وحله تحوم ضبابة الغموض و الإبهام .. ابتسم مع لرعد واخرج من جيبه علبة سجائر وقال : آسف يا أصدقائي سأقدم لكم السم بيدي ... أرجو أن تقضوا على هذا القاتل قبل أن يقضي عليكم ... "'م ربت على كتف الرعد وقال بصوت هادئ لا ضغينة يا صديقي العزيز أليس كذلك ؟ فنظر إليه الرعد مندهشا و مستغربا وقال و هو يرسم علي وجهه ابتسامة صغيرة لا ضغينة .... و بعد مرور ثلتاة سنوات توطأت علاقتهما أكثر وأصبحا صديقين و كانا يلتقيان كثيرا في أوقات الغذاء في دكان القهواجي و في بعض الأحيان في قاعة الألعاب ...
دخل عبد الرحيم في تلك الليلة إلى منزله و يحضر معه الدواء لوالده ... فدخل و الحزن يملأ قلبه على الحال الذي آلت إليه حياته .. هذا مجرد دخاء عاد يباع في الصيدليات المحلية و ل يتمكن من إحضاره .. فكيف إذا احتاج والده إلى عملية جراحية لا سمح الله ؟ ماذا سيفعل حينها .. أخذ يقلب في غرفة الجلوس بين علب الأدوية لعله يجد قرصا باقيا فيه و من حظه و من حظ والده أنه كان يوجد في إهدي العلب قرص .. فحمله وأسرع إلي المطبخ يضعه في كأس ماء و بعد أن شرب كأس شاي و استمع إلى حديث والدته المعتاد دخل على والده المسكين النائم في ركن الغرفة و أGطاه الدواءب وجلس بجانبه .. الحزن يعتصر قلبه .. حالة والده تزداد سوأ يوما بعد يوم .. و حال التجارة كذلك تزداد سوء ماذا سأفعل ؟ و إلى أين سأذهب بوالدي إذا لم تستقر حالته ؟؟ .... لا أرغب فقدانه و كذلك لا أرغب في أن يعود للعمل الشاق حتى لو تحسنت حالته ... يجب أن أخرجه و والدتي من هذا البيت .. جدي بناه و والدي قام بترميمه و أنا يجب علي أن أخرج منه .. وقفت والدته بجانب الباب و قال له أحضر والد إلى غرفة الجلوس فقد أعددت لكم طاولة العشاء .. فحمل والده و جلس مع أسرته يتناولون العشاء على ضوء التلفاز ....
في اليوم التالي كان عبد الرحيم يجلس في مكانه يتأمل التجار وهم يتحإولون بيع سلعتهم لزبائن جاؤوا لهذا السوق فقط للمساومة و قلويل منهم من يرغب حقا في الشراء ... عندما جلس بجانبه الرعد وهمس في أذنه قائلا : ما هي أحوال التجارة هل لا زالت تبقيك حيا ؟
فابتسم عبد الرحيم وقال ساخرا : ليس لوقت طويل .... فقريبا سأستلسم .. قلت لك لقد مررت بنفس تجربتك و كنت أتنفس ايضا بهذه التجارة لكنني كنت أتنفس فقط مخلفات عوادم باقي التجار .. لم يكن يصلني إلا فتات نسيمهم العليل فهم تابثون لهم محلات تحمل أسمائهم ... أما أنا فكنت أملك فقت بقعة وجودها مرتبط برضي آخرين يوم يسخطون عني سأفقدها .. لم تكن تجارة مضمونة وكان الزمن ينقص يوùيا في عمري حطي الع('بي سيراها صفقة خاسرة لهذا قمت من مكاني و خرجت أحقق حلمي ... و هل نجحت في ذلك ؟ يسأل عبد الرحيم ؟ ء لم أنجح نبجاحا كليا لكنني أمشي نحوه ... و أكاد أراه في آخر الطريق ... لم يرغب عبد الرحيم في دسؤاله عن نوع عمله الجديد حتى لا يبدو كأنه يسثغيت به بل تركه ينساب مع الحوار فقريبا س يخبره بنفسه .... أين ستتغذى هنا في السوق أم ستعود إلى البيت ؟ لا هنا فيالسوق ؟ سأطلبه من عند القهواجي ... رد الرعد القوهاجي ؟؟؟ ذلك المقمل ؟ لقد توقفت عن الأكل من ذلك المحل منذ أن وجدت ضفدع يتجول في مطبخه وعندما أخبرته بذلك أنكر و قال لي بأنني كنت أتوهم .. وأنا رأيته بأم عيني يقفز هناك و أنا أصلا لا أتناول أي مخدر قبل أن أتنوال غدائي فكيف أتوهم وجود ضفدع و أنا صاحي بكل قواي العقلية .. منذ ذلك الوقت أقمست و في وجهه أني لن أاخكل شيء من عنده ولو بالمجان ... و ق بل أن ينهي الرعد حديثه وقف القهواجي عليهم وقال لعبد الرحيم : ماذا أحضر لك اليوم للغذاء ؟ نظر إليه الرعد مندهشا وقال : سبحان لله ... عمره طويل ومديد تتحدث عنه فيظهر لك من لا مكان تماما كالضفدع الذي كان يتجول في المطبخ اللذيذ فكادعبد الرهيم أن يلنفجر وهو يخفي ضحكته أما القهواجي فدك رأسه بين كتفيه و قلب بصره بين التجار بسرعة ينظر هل سمعه أحد ثم قال لعبد الرحيم بسرعة ماذا تريد اليوم للغذاء ؟ فأجاب عبد الرحيم : سآتي إلى الدكان لأطلب فيما بعد و بعدما اختفى القهواجي مسرعا بين المارة ....قال الرعد : ستذهب للأكل هناك على الرغم من أنني أخبرتك بالضفدع ؟ فابتسم عبد الرحيم وقال له : لن أذهب لهناك ... حتى و لو كان الأمر مزحة سيكون كافي لكي أمتنع عن الأكل من عنده عندها عرض الرعد عليه مكانا هادتئا بعيد عن صخب السوق تقدم طعاما ممتازا و يقوم بطهييه أمام الزبائن فلا خوف عليك امن الضفادع ولا الصراصير ...فقبل عبد الرحيم وقام بتغطية سلعته و ذهبا إلى المطعم وهنالك تناولا غدائهما و استرسلا في الحديث عن العمل و الكسب السريع .. ...وبعد دقائق بدأ الرعد تماما كما توقع عبد الرحيم في كشف ملامح عمله الجديد و الذي يراه هو كبوابة لتحقيق حلمه .. كان عبد الرحيم في الأول يظن أن عمله قذر بطبيعة الحي الذي ترعرع فيه .. يتأرجح بين تجارة المخدرات و السرقة بكل أنواعها أو ربما النصب او الاحتيال لكن بعد وصف بسيط لنوعية هذا العمل تبددت تلك الءفكرا بسرعة من عقل عبد الرحيم و جلس ينصت بهدوء و و اهتمام .. لقد كان عملا منظما نقيا بعيد كل البعد عن العبث و المجازفة ... ربما هو حقا بوازبه تحقيق الأحلام في هذا البلد الذي لم يعطي لهذين الشابيين لحد الآ سوى التعاسة و المرارة فلا هم يسكنون بتا كريما ولا محيطا نظريفا ........ لقد دخلت إلى عالمهم بمحد الصدفة أقمس لك أنني لم أكن أتعمد ذلك .. يوم علمت مع من تورطت ظننت نفسي أحلم و قمت بكي يدي بالسيجارة حتى أتأكد أنني مستيقظ ... كنت أسهر كعادتي في تلك الحانة و كان الوقت متأخرا .. وكنت ولحدي جالسا في الطاولة الأخيرة أشاهد مابڢارة بيليارد بين شابيين و كانت حقا مباراة لمثيرة راهن عليها البعض بآلاف الدراهم ...ثم دخل هذا الشاب .. قصير القامة ..و ضعيف الجسم ... و تغيرت الأوضاع في لحظة .. كان يتبعه خمسة رجال أقوياء من وراءه و ملامحهم توحي بأنهم لم يأتيوا للعب ولا للسهر بل كانوا يبحثون عن شخص ما فأعينهم تفحصت جميع الحإضرين .. ثم خرج شاب في عقده الثالث 35 36 سنة من المرحاض و هو يحإول إدخال قميصه في سرواله و كان غيظا ذو وجه طفولي ساذج عندها تآر الشاب من مكانه وأشاره لأصدقائه الخمس نحو ذلك الشاب فقفزو عليه و انهالو عليه بالضرب و الشاب هزيل القامة يبزق عليه و يسب ويشتم و الأدرينالين يتدفق من عينيه كان منتشي بفعل ما يحدث لهذا الغليظ الذي يبدوا أنه لن ينجوا لو بقي على نفس الحلاة عندها قررت أن أتدخل .... و هذه أول مرة أتدخل فيها ... قمت من مكاني و ضربت الأول حتى تنح من مكانه ثم حملت كرة البيليراد و هشمت بها أنف الثاني ثم دخلت في الثالث بكل جسمي و أخرجت سكيني الذي لا يفارقني ثم ضربت الرابع بموخرته وأمسخت الخامس بيدي ووضعته على عنقه فساد المكان سكون تآم و لم يتحرك أحد سوى غليظ البطن الذي يترنح بجانب قدمي نطق السذاب القصير القامة وهو ينظر إلى حال أصقائه و الخوف يعتري وجهه يبدو أن النشوة قد طارت مع وقوفي من مكاني و عندما سألني عن علاقتي بذلك الغليظ ...انتفضت في وجهه و قام بعض أصقائي الغير المقربين من أبناء الحي بالوقوف و الاقتراب منا في إشارة إلى مساعدتهم لي إذا رغب هذا الصبي و كلابه التي تتوجع في الأرض في المزيد من المشاكل فساعدوا بعدهم بعضا على الوقوف و اختفوا من أممنا .... و عندما عدت لمكاني لأكمل سهرتي تبعي ذلك الغليظ و طلب مني أن أوصله إلى منزله أو أبحث له عن سيارة تاكسي كان مرعبا و خائفا .. لا أدري لماذا قبلت مساعدته و اليوم أحدم الله أنني قبلتها فلقد كان عضو في الاتحاد
الاتحاد ؟ يسأل عبد الرحيم باندهاش ..
الاتحاد أو العائلة ..ما سمعت بعضهم يقول .. منظمة يديرها ه
منظمة تضم عددا كبيرا من الأشخاص ينقسمون إلى مجموعات و مستويات ...منهم أطباء و موظفين و حتى أساتذة .. يجتمعون مرة في الأسبوع في أحد الفنادق .. وكل شخص ينتمي لهذا الاتحاد يجتمع مع من في مستواه .. بإمكاننا تشبيه هذا الاتحاد بفندق خمس نجوم فيه عدد كبير من الطبقات في الطبقة الأولى يوجد الكلاب الضالة هكذا يحطلق عليها في الاجتماعات .. اسم تحقيري لكنه دقيق جديد .. هذه الكلاب تبقيها امنظمة بعيدة عن الفندق و جاهلة بأبسط الأمور عنه ... تتواصل معها عبر القراميط .. قراميط ؟؟ و ما هو هذا الشيء ؟ يسأل عبد الرحيم و هو يسكب الماء في الكأس ؟ القراميط هم مجموعة أخرى في هذه المنظمة تنتقل بحرية كاملة بين طبقات هذا الفندق مهمتها الإخبار و النقل و الحراسة و كذلك البحث عن كلاب للتجنيد ... و أيضا كانت هي من يوص الأوامر القادمة من فوق إلى الكلاب الضلاة .. وكان على كل مجند أن يقوم بمهتمه بإتقان لكي يضمن لنفسه مستقبل في هذه العائلة .. فبعد مرور 6أشهر من عملك في الطابق الأول إما أن ترتقي للطبقة الثانية أو يلقى بك في المزبلة ... و ماذا يوجد في الطبقة الثانية ؟ يسأل عبد الرحيم ؟ الكلاب الخاصة .. و مدة الاختبار فيها قد تدوم لسنوات .. و غالبا ما يبقى فيها المجند ... ويعمل لباقي حياته بدون أن يرتقي ... مهمتمه الحراسة حراسة الفنادق و الأماكن التي تملكها العائلة و أيضا حراسة الشخصيات المهمة التي تنزل كضيفة هناك .. كما ينتشرون أيضا في الحانات والبارت .. يميزهم الزي الرسمي الأسود و النظارات السود ..و في الطبقة الثالثة يبدأ العالم المجهل لا أحد يعلم نوعة المهام التي يكلف بها هؤلاء الوحوش ... أقوام لم أرى مثلهم قط سوى في الأفلام الأمريكية ... عند أقدامهم تتبدد كل المعلومات و في طبقتهم تبدأ نقتة المجهول .. فهنالك الطبقة الرابعة والخامسة و السادسة و السابعة و سمعت من أحدهم يقول أن هنالك ال'امنة أيضا ... كان عبد الرحيم في تلك اللحظة ينصت باهتمام لهذا الحديث .. لقد كان يشعر أن شيء ما نقي و نظيف يقتبر من عالمه الأسود .. طريق سريع ومختصر بدأت يتفتح أمام عينه ... و كم يتقاضى أصغر مجند في هذه المنظمة ؟ ضحك الرعد حتط بدت أضراسه وقال اسأل أوملا : كيف سيتم تجنيدك ؟ هل تظن أن هذا التحاد ينشر شروط النضمام عليه في لافتات ويعلقها في محطة الحإفلات ؟ هذا التحإد لا يجند كل من هب و دب .. بل أكثر المجندين الجدد من الكلاب الضالة لا يعلمون أبسط معلومة عن نوعية العمل الذي يقومون به ولمن ينفدون تلك المهام ... هؤلاء القوم يعملون باحترافية عجيبة و لا مكان للخطأ في قاموسهم اللغوي .. الخطأ يعني الموت !! الموت ؟ انتفض عبد الرحيم في مكانه و قال الموت ؟؟؟ هل تعني القتل ؟ نعم القتل يواصل الرعد حديثه : القتل لمن أخدطأ هذه هي القاعدة الأولى لهذه المنظمة ... و أنا الآن قد صدر الحكم علي !!! نزلت هذه الجملة على أذني عبد الرحيم كالصاعقة وتمتم قليلا ثم سأله .. حكم عليك بالقتل ؟ أجاب الرعد بصوت يملأه التأسف : للأسف نعم لقد أخطأت و أنا الآن أعيش آخر أيامي .... و ماذا فعلت ؟ فيماذا أخطأت ماهي المهمه التي كلفت بها و أخفقت فيها ؟؟؟ ... لقد أكملت الاختبار مع الكلاب الضالة منذ أڭر من أسبوع و لقد نجحت في كل الاختبارات وقمت بجميع المهمات التي وكلت بها و وصلتني عدة أخبار مفادها أن هنالك من أعجب بعملي .. و كا مسدر تلك الأخبار الطابق الثالث وهذا يعني الكثير يعني أن الأنظار كانت تلتفت نحوي فأنا الآن سوف أرتقي ... و قبل ذلك وكلت بمهمة أخيرة و أخبريني ذلك الشاب لغليظ بأنها آخر مهمة لي و هي من سوف تحكم على مستبقلك .. وكانت تقتضي أن أذهب ءءلى أحد انوادي في مدينة أخرى و أقوم بمنع أحد الأشخإس بالتنازل عن قدية كات مرفوعة ضد ابن لأحد أعضاء الطابق الرابع ... فلم يكن هنالك مجال للخطأ ... ظننتها في أول مرة أنها مهمة سهلة .. أذهب أخيفه و أهدد عائلته و سخوف أدفعه للتنازل .. لكن الوغد لم ينتازل على الرغم من الندبة التي تركتها في عنقه في مرحاض ذلك النادي و على الرغم من الاتصالات التي تلقاها عدد من أقربائه مني ... وعدني في ذلك المرحاض أنه سوف يتنازل لكنه في يوم غد ذهب إلى المحكمة ولم يتنازل و رفعت القضية ضد ابن ذك الثري و أخفقت ... عندها صدر حكم الإعدام علي و من حسن حظي أن ذلك ذلك الشاب من القراميط و أخبرني بذلك ... وأنا الان هارب منهم و أعيش في حكم الموتى ...
وماذا ستفعل الآن ؟ يسأل عبد الرحيم نا،دهاش ؟ سوف أخرج من هذا البلد هذه الليلة .. لقد حجزت مكان لي في أحد الزوارق المتجهة إلى إسبانيا الوم ... أفضل أن يأكلني القرش على يعثر علي في أحد الغابات بدون رأس .... تنهد عبد الرحيم ثم قال : على الأقل وجدت مخرج من هذا المأزق الرهيب .. الذي لا تحسد عليه .. اهرب هذه الليلة ولا تلتف من مكانك ..فمادام هؤلاء بهذه القسوة لا مجال للحديث معهم ... احمل حقائبك هذه الليلة و انجوا بحياتك ع ندها رن هاتف الرعد الذي كان فوق الطاولة و نظر كليهما إليه مطولا قبل أن يجيب الرعد : لقد كان نجيب هو المتصل لم يكن يعلم بعد بالحكم الذي أصدر على الرعد : كان يظن أن الأمور لازالت على ما يرام ففي الليل الي أصدر فيها الحكم كان ذو الوجه الطفولي قد استلم للنوم في غرفته بعد أن أنهى قنينة خمر لوحده عزاء على زوجته التي هربت منه مع شاب مراهق عمره 20 سنة ... و عندما وصله أمر من أحد الزبائن .. مرره مباشرة إلى الرعد و لم يكن يعلم أن الرعد في حكم الموتى .. عادت الحياة مرة أخرى إلى وجه الرعد و ابتسم معه عبد الرحيم .. إنه لا يعلم ربما تكون هذه المهمة حبل نجاة ظهر في آخر لحظة ... المهمة كانت سهلة جدا يذهب بسيارة تنتظرهأم أحد المطاعم ثم يقوم بعدها بإحضار طرد من البريد ثم يرتك السيارة و فيها الطرد في مرأب أحد الفنادق التابعة للعائلة .... سجله كان نظيف منذ أن انضم إليهم و كذلك وسلته بقيات تعاني على عمله الاحترافي ... فربما هذ الحبل الذي ظهر في هذه اللحظة متين كفاية لكي يخرجه من الحفز التي يغرق فيها .... قام بتدوين المعلومت في ورقة صغيرة و قطع الخط و عندما أراد القيام من مكانه تامسكه عبد الرحيم ثم قال له اجلس : هنالك خطب ما ؟ أشعر به ؟ اندهش الرعد و قال : عن أي خطب تتحدث .. الوقت يمضي لا وقت لمثل هذه التفاهات الآن حياتي في خطر ... توقف أسغر أن هنالك خطب ما قلت لك !! هل تملك رقم هاتف نجيب ؟ نعم اتصل به و أخبره أنك تملك مسبقا وسيلة نقل ستقوم بإحضار الطرد بها ... بدون أن تضيع الوقت في إحدار السيارة التي تنتظرك هيا قم بذلك !! ركب الرعد رقم الهاتف و عندما أخبر نجيب بذلك : انرتفض في وجهه وقال له المهمة حرفية وليس فيها أهواء قم بما طلب منك وإلا سنمررها لغيرك ... عندها قال عبد الرحيم وهو يبتسم أخبرتك !! يريدون أن يتخلصوا منك بضربة نظيفة !! ماذا تعني بكلماك هذا ؟ يسأل الرعد مستغربا !! ليست، سيارة مفخخة فن§حن لنسا في بغداد !! وليست عملية اغتيال في وضح النهار فنحن لسنا في روسيا ولا في كولومبيا .. إنها عملية تقليدية محلية ... إما أن السيارة بدون فرامل و إما أن السياز مسروقة و قد سبق الإبلاغ عنها !! وضح كلامك !!! يصرخ الرعد وهو يشعل سيجارة !! ماذا تعني بعملي'ه تقليدية !! سيتخلصضون منك ألم تفهم بعد !! القرموط الحقر مثل عليك أنهج لا يدري و هذا من سابع المستحيلات فأنت قلت بنفسك أن هؤالء عملهم هو التنقيب عن كل صغيرة وكبيرة فكيف يخفي عنه خبر الحكم الذي أصدر فيك ؟؟؟؟ و لماذا عندما قلت له أنك ستحضر الطرد بوسيله أخرى رفض !! ماذا يهمه في نوع الوسيلة ؟ أليس المهم عنده هو وصول الطرد للفندق ؟؟ فكر قليلا !! سيتخلصون منك إما بحإدثه سير ثم بعدها يتخلصون منك في المستشفى فتدفن هناك و يدفن معك سرهم الأكبر و إما بتوريطك مع الشرطة ثم بعدها يتخلصون منك في السجن ... فما قلته لي الآن من معلومات خطير و ثقيل ... فأنت ملف كامل يمشي على قدميه لابد أن التخلص منك أسبح الآن من أولويات أولوياتهم ففكر قليلا قبل المجازفة اقتنع ارعد بكلام عبد الرحم : ثم اتصل بصديقن له من أبناء حيه و طلب منهù أن يذهبوا و يجلسوا في المقهى المجاور للبريد ثم يتسلون به كلما ظهرت الشرطة ف ذلك المكان
و لم يتوقف منذ ذلك الحين هاتف الرعد .. الشرطة لم تغادر تلك المنطقة و كان حضورها ملفتا كثيرا فابتسم الرعد قليلا مبهورا من حنكة عبد الرحيم .. ثم قام من مكانه و قال لعبد الرحيم أنا مدين لك !! لقد أنقذت حياتي لولاك لكنت الآن في قبضتهم .. رد عليه عبد الرحيم بابتسامة خفيفة ثم قال و الآن ماد(ا ستفعل ؟ نكس الرعد رأسه و سكت ...لم يكن يملك ادنى فكره عما يدفعل .. لقد كان في داخله مستلسلما لد استسلم منذ أن أن أصدر ذلك الحكم عليه .. لقد نجح في الهروب منهم لأيام عديدة و اختبأ في حيهه لبعد الوقت لكن إلى متى ؟ إلى متي سيتردد الاتحاد علي اختراق الحي ؟ هل سيعجزهم استأجار قاتل يسكن في الحي .. أبناء حي يعرفهم و هم مستعدون لبيع كل عزيز في سبيل املمال فعندما يت§حدث المال تختبئ الشهامة لقد كان الوقت يمر عند سريعا .... الساعة كالدقيقةو الدقيقة كالثانية ... حياته على المهخ .. الوحوش قد خرجوا من الطابق الثاقلث و اسمه في ورقة بين أيديهم ... لقد جاءتهم مهمة جديدة .. مهمتهم هي التخلس منه و في أقرب فرصة .. لن يخطئوا الهدف و لذلك سموا بالوحوش ... سأذهب الآن للمجهول ...لكن انتظر لم تقل ماذا ستفعل ؟؟ و أءلى أين ستذهب ؟؟ سأذهب إلى أي مكان يزيد من فرصة نجاتي .. اسف إن كنت قد ورطت معك بأي شكل من الأشكال اعتني بنفسك .. عندها غاب الرعد و لم يسمع عبد الرحيم خبرا عنه ولم يراه في السوق كما لم يراها في المطعم في وقت الغذاء .. لقد اختفي هلك من الممكن أن يكون قد قتل ؟ هل عثروا عليه ؟ كل الاحتمالات اردة فما أنهم بتلك الخطورة التي وسفها لي لا بد أنهم قد عثروا عليه !! لكن لماذا قتلوه ؟ هل حياته رخيضة في أعينهم لهذه الدرجة ؟ حتري المهمة التي أخفق فيها لم تكن بهذه الأهمي'ه فهؤلاء يستطيعون إخراج ابنهم من السجن فهم يملكون المال و،السطة كما قال الرعد !! فلماذا لم يغفروا له خطأه ؟؟ كانت هنالك عدة أسئلة بدون جواب تجول في بال عبد الرحيم و هو يشاهد التلفاز في ذلك القت و بجانبه والده وأسرته ...
كل شيء يمشي نحو الأفضل مرت الأيام سريعا و كان عبد الرحيم حال تجارته تتدهور أكث وأكثر و كذلك كانت صحة والده .. الشتاء قد حل و يبدو من أول أيامه أنه سيكون فصلا باردا و طويلا .. في أد الأيام العادية و هو راهع إلى بيته .. وقف بجانبه سيارة ريادية .. بقي ينظر في انعكاس وجهه على زجاجها القاتم لثواني ......... ثم بدأ في الاختفاء وظهر مكانه وجه آخر ... اتسم معه و قال له عبد الرحيم أليس كذلك ؟؟ لم يجبه عبد الرحيم وبقي ينظر إليه بنفس النظرة .. ثم قال له : اصعد اصعد سأوصلك إلى البيت ...أنا صديق الرعد !! الرعد ؟؟ .. هل هو معك في السيارة ؟ يتسائل عبد الرحيم وهو يحاول أن ينظر إلى داخلها .. رد عليه للأسف لا ! ليس معي لكنه في مكان آخر سأخبرك عنه إذا صعدت معي في السيارة .. رد عليه عبد الرحيم آسف يا صديقي .. لو كنت أريد وسيلة نقل لطلبت تاكسي .. أكمل طريقك و أبلغ الرعد تحياتي و قل له عبد الرحيم سعيد بسماع أخبارك !! أزال ذو الوجه الطفولي نظارتة الشمسية السوداء ثم قال بلهجة جاديا.. اركب السيارة ... فأنا لست هنا لأبلغك أخبار صديقك فقط .. بل أنا هنا لأنقل لك طلب الاتحاد ... الاتحاد ؟ و من يكون هذا التحإد ؟؟ ضحك ذو الوه الطفولي ضحكة هستيرة و سرعان ما حبسها وقال وهو يعقد إحدي حاجبيه .. كفآآآا كفآآآآآآك تمثيلا إني أعرف ماذاتعرف هل تظن أنك ستعرف بدون أن أعرف و ابتسم قليلا ثم قال : اركب السيارة لو كنا نرغب في قتلك لكنا قتلناك .. هيا اركب .. تغيرت ملامح عبد الرحيم فجأة و بدأ يحس بشعور غريب في بطنه .. إنهم هم .. إنهم هنا !! الوحوش الذي أخبرني عنهم الرعد ارسلوا في طلبي .... هل علي أن أتلو صLاتي الأخيرة ؟ هل أطلمق دمي للريح ماذا أفعل ؟ .... هيا لا أملك الكثير من الوقت .. اصعد و أحكم إغلاق الباب !! تفقد عبد الرحيم السيارة و حاول حفظ لوحتها الرقمية شفويا .. قبل أن يصعد ... ثم جلس بجانب ذو الوجه الطفولي و هو مستعد لكل الاحتمالات و انطلقت السيارة .. نحو المجهول .. مرت تلك الثواني على عبد الرحيم كالسنوات .. الشعور الغيرب لا يزال يشعر به في بطنه .. صديقك أخفق و استحق ما حدث له !! نظر إليه عبد الرحيم مفزوعا ثم قال : لا تقل لي أننه مات !!!! حرك ذو الوجه الطفولي شفتيه متأسفا و قال للأسف انتقل إلى العالم الآخر ... لقد كان يعلم ذلك قبل أن ينخرط معنا .. لقد وافق بعد أن اطلع عى كل القوانين .. و أول قاعدة أخبرتها بها هي لا مجال للخطأ .. لكنه للأسف أخطأ ... لقد كانت أمماه فرصة فرصة عظيمة ... لقد كان إنسان عزيزا علي .. و قريبا جدا .. فأنا مدين له للخدمة قدمها لي في السابق .. و عندما أصدر حكم الإعدام عليه .. تأسفت ولم يكن في يدي حيلة فلست أنا من ملاك القرار و لو اعترضت لتسببت لنفسي بعدة مشاكل .. لا وجود للعواطف في عملنا ... نحن اخترنا هذا العمل و علينا تقبل نتائجه .. تحدثت مع بعض الأصدقاء عنه وأعجبوا به .. وكان سيكون من القربيين لكن للأسف تجري الرياح بما لا تستهوي السفن .. لقد أخفق ...
قالها ذو الوجه الطفولي وهو يوقف السيارة بجانب مطعم صغير و قال : قبل أشهر كان كنا نعاني من نقص في العامل البشري و كان يجب أن أجند على الأقل 8 أشخإس في ظرف أسبوع .. سألت الرعد هل يعرف أحد ما على ثقة يصلح لهذا العمل .. فأخبرني عنك و حكى ليت قصتك و قال لي بأنك إنسان مJل ثقة يعتمد عليه في الأوقات الحرجة ... لكنه رفض إدخالك .. و عندما سألته عن السبب أخبرني أنه هو من سيقويم بتجنيدك فيما بعد لكي يضمن لك مكانا لائقا بك و بوزنك. .... المسكين كان شبه متأكد أنه سيرتقي في العائلة .. ضحك ذو الوجه الطفولي دحكة يملأها التسءف ثم قال : الدنيا غيربة غريبة جدا .. ثم التف إلى عبد الرحيم الساكن في مكانه .. هل فهمت ؟؟ أوأم برأسه وقال : حسنا .. الرعد يسبح الآن مع الأسماك ... و قد أخفق فاستحق ما حدث له .. و كان يرغب في تجنيدي إذا ما نجح في هذا الاتحاد لكنه لم ينجح ... و الآن تريد أن تجندي لأنك فقدت رجالا جدد !! و لكن لم تخبرني كيف علمت أنني أعلم بعائلتكم و اتحادكم هذا ؟؟؟؟ من أخبرك بذلك أنا لم أسمع عن منظمتلكم إلى قبل أيام وكنا لوحدنا !! و لم تخبرني أيضا كيف أوقعتم بالرعد !؟ تنهد ذو الوجه الطفولي ثم قال : صديقك كان قويا و متوحشا لكنه كان غبيا .. أوقعوا به بطريقتهم .. لا علم لي بها .. هل تظن أنني رئيس الاتحإد أنا أضا لا يسمح لي بالاطلاع على كل شيء ... طريقة قتله يمكنني أخبرك بها .. عثر عليه الشرطة في أحد الغابات و بحوزته إبرة و كمية كبيرة من الهيريون و بعد التشريح وجدوا أن سبب الوفاة جرعة زائدة من الهيريوون ... و أما عن سؤالك الآخر ! فاعلم صديقي أن لا شيء يخفى عنا و كلما ذكرت العائلمة أو الاتحإد كنا حاضرين و في حالتك .. ùمن أخبرني هو الرعد فقد أحضرواه قبل يوم من مقتله إلى أحد الاهتماعات و بعد أن انتهى منه والد الصبي الذي خسر المعركة في المحكمة بسبب الرعد .. أنزلوه و مر بجانبي عندها شكرني بك و قال لي أين أجدك وثم قال لي أنه أخبرك بكل شيء عن العائلة فمهت ؟؟ أومأ عبد الرحيم برأسه و شعر بارتياح في صرره .. لقد تبددت كل تلك الأسئلة التي كانت تراوده و الشكوك التي كانت تملأ عقله عن مصير صديقه الرعد .. حسنا ... تريدني الآن أن أبدأ العمل معكم .. أليس كذلك ؟ بالطبع ولهذا أنا هنا : قالها ذو الوجه الطفولي وهو يبتسم ... اسمي نجيب .. و الآن ماذا هل ترغب في الانضمام ؟ نكس عبد الرحيم رأسه و بدأ يفكر ... اختطت عليه الأمور .. هكل يفرح بعمله هذا الذي سيقفز به وبأستره إلى الأمام أم ينتحب على صديقه الرعد ؟؟ لا أدري ؟ أنا ùمشوش الآن !! لقد اختلط علي الأمر .. اءذا كان من الممكن أن تعطيني مهله أفلر فيها جيدا ثم أجيبك ... و لا داعي لتتعب نفسك .. اتركلرقم هاتفكل عندي وسأتصل بك إذا وافقت .. أخرج ذو الوجه الطفولي ورقة و بحث عن قلم في صندوق سيارته 'م قال : اتصل بي في هذا الرقم .. عندما تقرر .. و عندما مد يده ليمسك الورقة لم يفلتها و قال له : اسمع .. أنت محظوظ لأنك أولا ستنضم إلينا و ستودع الفقر للأبد .. و ثانيا : أنت محظوظ لأنك سوف تجند من طرد قرموط ظريف و مرح مثلي و ثاثا لأنك سوف تجب*ند بوصاية من صديق عزيز علي رهمه الله .. و رابعا أن محظوظ لأنك قبلت في العائلة فلا تدع القلق يختار مùكانك .. انسي الماضي و واقترب من باب المستقبل .. قبل أن تغلق في وجهك .. كلنا نبكي على فقدسان صديقك لكنه العمل و العمل يبقى عمل .. الكرة الأرضية لا زالت في مدارها تدور .. .. الوداع سأنتظر اتصالك ... انطلق ذو الوجه الطفولي تاركا عبد الرحيم و في يده رقم هاتفه .. لقد كان بإمكانه أن يقوم بتهديده فالمعلومات التي يملكها عبد الرحيم كافية لتضعه في أولويات الوحوش فهو الآن مسضر تaيهديد لكيان ذلك الاتحاد .. و لكن ذو الوجه الطفولي لم يكن يجازف عندما سمح له بالختيار لأن الرعد وصا عنه و أخبره بحذاقته وحكمته و ذكاءه و هذا صيد ثمين له فكلما جند قرموط ما شابا و نجح ارتقي معه في سلم ذلك الفندق .. دخل عبد الرحيم كعادته إلى البڢيت وبعد أنا ستمع لحديث أمه و غير ثيابه استسلم للنوم بعد أن ملأ بطنه .... بعد ثلاثه أيام مند 'لك اللقاء اتصل عبد الرحيم به ووافق على العمل معهم وادعا حياته بين أيديهم لقد كان مضطرا .. في كل مساء كان يتقتع من الداخل و هو ينظر إلى التشققات التي تملأ سقف بيته و الأثاث الهزيول الذي بيحإول والده تدفئه نفسه به .. و المطبخ الشبه الفارغ الذي لا شء يأكل فيه سوي الخبز و الماء .. وغرفته التي كانت تشبه زنزانة سجن أنشأ في عصور الظلام ... و كذلك أخته الصغيرة التي تسنع دماها بالألواح و الأوراق .. لقد كانت ودعيتهم صعبة جدا فلماذا لا يقبل ... منذ أن فتح عينيه في هذه المدين'ه وهو محكوم عليه بالإعدام .. لقد كان يتألم كثيرا و كان أيضا بارعا في إخفاء التعاسة من على وجهه ....لقد قبل ذلك العمل .. قبله مضطرا و قبله طامعا .. و قبله لأنه الطريق الوحيد السريع اذي فتح أمامه عل ى مصرعييه .. لقد أخفق صديقي و كلفه ذلك حياته ..... لقد أخفق .. لهذا تعرض إلى ما تعرد له أنا لن أخفق لن أحاول أن لا أخفق بل لن أخفق !!! سوف أجمع ثروتي و سأتقاعد ... لن أتورط كثيرا ..
في اليوم التالي اتصل بنجيب و أعطاه عنوان أحد الفنادق و طلب نه أن ينتظره في مطعمه ... و هنالك تحدثوا طويلا و وصف له طبيعة العمل الذي سيقوم به .... أخبره أنه بإمكانه أن يرتقي بسرعة عليه فقط أن يكون عمله نظيفا سريعا .. بدون آثار ولا بمات و أن يسمع أكثر و لا يسأل كثيرا .. ستة أسڨهر تمر كلمح البصر وربما أقل .. وسترتقي .. و سيفتح لك باب المصدع لترتف و ترتفع معك نفقاتك ... الكلاب الضالة تقبض على كل مهمة تقوم بها 2000 درهم ... و إذا كان المعهمة خارجة المدينة 4000 درهم في ستة أشهر ربما ستكلف على أقل تقدير ب7 أو ثماني مهمة بمعدل واحدة كل شهر ثم بعدها إما أن تعفي من الخدمة أو ترتقي .. و احتمال أن تسرح من عملك غير وارد في حالتك !! لماذا ؟ يسأل عبد الرحيم متفاجئا !! لأنك تعلم الكثير عن العائلة .. على عكس باقي الكلاب الضالة التي تزن نفسها تشتغل فقت عند القراميط أمثالي أبن أحد الأثرياء يستعين بهم لقضاء أموره .. أما أنت فمعلوماتك نصف الفندق .. لا تخف !! و لا تحزن .. سنعمل معا على الارتقاب بك فقط اضمن لي أنك لن يخطأ .. الشعور الغيرب عاد مرة أخرى إلى بطن، عبد الرهيم وصاحبه هذه المرة دوار سريع .. لقد تورط !! و غرقت قدماه إلى الركبة ... حبل المشنقة التف من حوله ... يا إلهي فيماذا تورطت ؟ ... المفروض أن أكون الآن بجانب طاولتي أسمع لنكات التجار و ألاعب قطتي ... لا تخف أقول لك لا تخف سترتقي منا فأمثالك ينجحون .. أنا متأكد مند 'لك !! اطمأن عبد الرحيم قليلا لكلامه و ارتشف رشفة سريعة من كأس العصير اذي وضعه النادل بجانبه و.. ثم واسل نجيب حديثه قائلا و هو شارد يقلب بين صفحات الجرائد : هذا الفندق أيضا ملك للاتحإد .. إذا ارتقيت لطابق الثاني ونضممت للكلاب الخاسة سأدمن لك فندقا في هذه المدينة لن تذهب إلى أي مكان .. فالفنادق التي تديرها عائلة الحاج الوردي تعتني جيدا بالكلاب الخإصصة كما تسمح لهم بالنزلو في أروع غرفها هنا لا حاجة لك في البحث عن مسكن إذا نقلت إلى أحد فنادقهم فهم من أسخى العائلات و لهذا استحقوا أن ديروا الطابق السابع في فندق الاتحاد .. اقترب عبد الرهيم قليلا برأسه من نجيب ثم قال : و من هو الحاج الوردي ؟؟ ومن هم أبناءه ؟؟ ممكن توضيح لو سمحت ؟ عندها انتفض نجيب من مقعده و قام بإزالة نظارته الشمسية و قال : أظن أن هذا كاف لهذا اليوم ... رقم الهاتف الذي أعطيتك تخلص منه فلن تسمع تجيبك فيه سو<يو عاملة شركة الهواتف ... خذ هذا الهاتف و ضعه في جيبك سأسترجعه منك فيما بعد .. إذا رن فاعلم أن المتصل هو أنا فلا احد يملك هذا الرقم .. هيا انطلق .. لدي أعمال أقوم بها ... قام عبد الرحيم من مكانه و هپ ينظر للهاتف في يده ثم التف إلى نجيب الذي عاد لقراءة جزيردته و خرج من الفندق و اتجه نحو السوق و عاد لإكمال يومه بش"كل عاديي .. فقد ترك من قبل طاولته بعد أن غطاها جيدا و لن يقوم أحد بلمسها لأن أعين التجار لا يغفل عنها دبيب نملة في تلك الزنقة